عندما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة المنورة، وجد اليهود يصومون يوم العاشر من محرّم المعروف بيوم عاشوراء، فاستفسر منهم عن سبب صيامهم وتعظيمهم لهذا اليوم، فقالوا له:
هذا يومٌ نجّى الله فيه موسى وقومه من فرعون الظالم، فصامه موسى شكرًا لله، فنحن نصومه اقتداءً به.
عندها قال النبي ﷺ:
“نحن أحق بموسى منكم.” رواه البخاري ومسلم
فصامه رسول الله ﷺ شكرًا لله تعالى، وأمر أصحابه بصيامه، وأقرّ سنّيته للمسلمين، وبيّن فضله الكبير وأن صيامه سبب لتكفير ذنوب سنةٍ ماضية، مما يجعله موسماً عظيماً للمغفرة والرحمة.
وفي روايات أخرى، حرص النبي ﷺ على مخالفة اليهود في صيامه، فحثّ على صيام يوم قبله (تاسوعاء) أو بعده (الحادي عشر)، فقال:
“لئن بقيتُ إلى قابلٍ لأصومن التاسع.” رواه مسلم
وهكذا بقي يوم عاشوراء يومًا عظيمًا من أيام الله، يرتبط بذكرى إنقاذ الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام من ظلم فرعون وجبروته، ويجدد في نفوس المسلمين معاني الشكر واليقين والثقة بنصر الله عز وجل، وصار صيامه سنة نبوية متبعة على مرّ الأجيال.
فضل يوم عاشوراء
بيّن رسول الله ﷺ فضل هذا اليوم المبارك في الحديث الشريف:
“صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله.” (رواه مسلم)
وذلك فضل عظيم يدلّ على رحمة الله سبحانه وتعالى، الذي جعل لعباده مواسم يغفر لهم فيها ذنوبهم ويطهّرهم من خطاياهم.
فيحرص المسلمون في شتّى بقاع الأرض على صيام هذا اليوم المبارك، اقتداءً بسنة نبيهم ﷺ، وطمعًا في الأجر والثواب وتكفير الذنوب الماضية، كما يستحب صيام يوم تاسوعاء معه لتحقيق مخالفة اليهود في صيامهم، اقتداءً بالنبي ﷺ وهديه.
ما يستحب في هذا اليوم
يستحب للمسلم في يوم عاشوراء أن يحرص على الأعمال الصالحة، ومن ذلك:
– صيام يوم عاشوراء مع تاسوعاء
– الإكثار من الذكر والدعاء
– شكر الله تعالى على نعمة الهداية والنصر التي منحها لعباده المؤمنين
– استحضار معاني الصبر والثبات التي علّمنا إياها الأنبياء عليهم السلام في مواجهة الظلم والطغيان
فهو يوم تربويّ بامتياز، يذكّر المؤمن بأن النصر حليف أهل الإيمان مهما طال زمن الابتلاء، وأن الله لا يترك عباده إذا صبروا وتوكلوا عليه حق التوكل.
الخلاصة
يوم عاشوراء مناسبة إيمانية عظيمة، تذكّرنا بأن الفرج يأتي بعد الشدة، وأن رحمة الله أوسع من كل هم وغم، كما تزرع في القلوب قيمة الشكر لله والثبات على طاعته في كل الظروف. فلنحرص على إحياء هذا اليوم بالصيام والطاعة والابتهال، والدعاء لأنفسنا ولأمتنا الإسلامية بالأمن والرحمة والهداية.